Nanotechnology

ماهي تقنية النانو Nanotechnology وما استخداماتها؟

بعد سلسة من الثورات والانتفاضات العلمية المتلاحقة والتي أدت إلى إحداث ثورات في الطب والدواء والمواد والطاقة والكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات، تأتي تقنية النانو (Nanotechnology) التي تردد كثيرًا صداها على مسامعنا، حيث تؤدي هذه التكنولوجيا المتقدمة دورًا رئيسيًا في التطور الاقتصادي المبني على المعرفة، ومن ثم لُقبت باسم تكنولوجيا القرن الحادي والعشرين، ودخلت تكنولوجيا النانو بالفعل في كثير من الأشياء من حولنا بصورة أو بأخرى حيث يتعاظم تطبيق تلك التكنولوجيا الجديدة يومًا بعد يوم.

تقنية النانو (Nanotechnology)

كلمة نانو nano هي كلمة إغريقية تعني القزم وتصف الكلمة كل شيء صغير ودقيق، فالنانو تكنولوجي تعني تقنية الصغائر، وتختص تقنية النانو بدراسة ومعالجة خواص المواد بمقاييس صغيرة تقع ضمن مجال 0.1 وحتى 100 نانو متر ( النانو متر هو جزء واحد من مليار جزء للمتر الواحد).

وتعرف تكنولوجيا النانو بأنها توصيف وتطبيق وتصميم الهياكل والأجهزة والأنظمة عن طريق التحكم في الشكل والحجم ومقياس متناهي الصغر، كما أنها التقنية التي توفر القدرة على التحكم المباشر في المواد والأجهزة التي تقل أبعادها عن 100 نانو متر، وذلك يتم من خلال تصنيعها ومراقبتها وقياس ودراسة خصائصها.

وقد يعتبر البعض تقنية النانو تكنولوجي اختراعًا حديثًا، إلا أنه في الواقع علم تم استخدامه منذ زمن طويل، فمن المعلوم أن الرومان صنّاع الزجاج قاموا بصنع كأس زجاج أسموه بكأس لايكورجس لتخليد ذكراه وذلك في القرن الرابع الميلادي، وهذا الكأس معروض الآن في المتحف البريطاني بلندن، وقد تميز هذا الكأس أن لونه يتغير من الأخضر إلى الأحمر الداكن عندما يضاء من الداخل، وعند دراسة مكوناته حديثًا وُجد أنه يتكون من جير الصودا بالإضافة إلى مواد دقيقة من الذهب والفضة ذات الحجم النانومتري.

كأس لايكورجس
كأس لايكورجس

نشأة تقنية النانو Nanotechnology

على الرغم من أن الاهتمام بتقنية النانو بدأ منذ عام 1990 إلا أن العالم فينمان تنبأ بظهور تقنية النانو في محاضرته الشهيرة التي ألقاها في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا عام 1959 تحت عنوان “هناك كثير من الغرفة في القاع” وهذا العنوان يدل على المعنى المقصود أن هناك في المادة كثير من الصفات والعلوم المميزة والجديدة في الحجم المتناهي في الصغر من المادة (الذرة والجزئ)، كما سأل في هذه المحاضرة سؤال “ماذا يحدث لو استطاع الإنسان أن يتحكم في الذرات بدلًا من تفجيرها”.

ولقد انطلق هذا التطور عام 1985 بعد أن اكتشف العالمان هوفمان وكراتشمان طريقة تركيب كمية ماكروسكوبية من الجزيئات والبلورات من الولرين (C60)، ومع التقدم في أنظمة وعلوم الحاسب الآلي والتطور الهائل في أجهزة المجهر الإلكتروني الفائق القدرة وظهور مجهر القوة الذرية (AFM) عام 1986، تمكن العلماء من رؤية الذرات والمواد النانوية، ولكن هناك ثمة اتفاق على أن عام 1990 هو البداية الحقيقية لعصر التقنية النانوية، ففي ذلك العام تمكن الباحثون في مختبر فرعي لإحدى شركات الإلكترونات العالمية العملاقة من صنع أصغر إعلان في العالم، حيث استخدموا 35 ذرة من عنصر الزيتون في كتابة اسم الشركة ذي الحروف الثلاثة على واجهة مقر فرعها بالعاصمة السويسرية، وفي نوفمبر عام 2000 ظهرت عدة تقارير علمية دفعة واحدة، واحتلت أبحاث تقنية النانو بابًا كاملًا في مجلة العلم الأمريكية “ساينس”، ثم تلاها عدة تقارير في مطبوعات علمية أخرى كمجلة الطبيعة “نيتشر”، كما نجح العلماء في الآونة الأخيرة في التوصل لأولى المنتجات التطبيقية المعتمدة على التقنية النانوية، وقد انتقت بالفعل بعض هذه المنتجات من مختبرات الأبحاث إلى مجال الاقتصاد والتجارة.

أهمية تقنية النانو Nanotechnology

إن استخدام تقنية النانو يوفر أهمية كبيرة في العديد من المجالات؛ علمًا بأنها ما زالت تتطور وتتحسن باستمرار، وتكمن أهمية تقنية النانو فيما يلي:

  • الدقة العالية: حيث تتسم جزيئات النانو بصغر حجمها، وذلك يمكنها من الدخول إلى الأجسام الحية والنجاح في علاج بعض الأمراض الخطيرة كالسرطان.
  • تقليل التكلفة: حيث تستخدم تقنية النانو في العديد من المجالات، وتقليل المواد المستخدمة في إنتاج مستحضرات جديدة، وذلك يؤدي إلى تقليل تكلفة إنتاجها.
  • الاستدامة: حيث تساعد تقنية النانو على تحقيق الاستدامة في العديد من المجالات، كالزراعة والطاقة والطب.
  • تحسين العوامل البيئية: حيث تتيح تقنية النانو إمكانية تحسين العوامل البيئية، ومراقبة وتحسين جودة الهواء والماء، والتحكم في الأخطار الكيميائية والتلوث البيئي، وهذا يساعد على تحسين صحة الإنسان والحياة النباتية والحيوانية.
  • تطوير المواد الجديدة: حيث تستخدم تقنية النانو في تصميم المواد الجديدة، بما في ذلك المواد الوظيفية، والمواد  العالية الأداء، وجعلها تحتوي على قدرات عالية ومميزة.

خصائص تقنية النانو Nanotechnology

تتميز تقنية النانو بالعديد من الخصائص المميزة، وذلك على النحو التالي:

  • الحجم الصغير: حيث تتميز تقنية النانو بصغر حجمها، حيث يصل قطر جزيئات النانو إلى 10 نانو متر، وذلك يعني أنها تمتلك مساحة كبيرة بالمقارنة مع الحجم.
  • الخواص الكمومية: حيث تتميز جزيئات النانو بخواص كمومية فريدة، والتي تتعلق بتداخل الكمومية وأثرها على السلوك الفيزيائي، مما يؤدي إلى تغيير هذه الخواص عند تقليل الحجم إلى مستوى النانو.
  • السطح الكبير: يتميز بالسطح الكبير مقارنة بالحجم، وذلك يتسبب في تفاعلها بكفاءة مع محيطها، كما تتفاعل بسرعة مع مواد أخرى.
  • الإلكترونية: تتفاعل الجسيمات النانونية مع الإلكترونات والأشعة فوق البنفسجية والضوء والحرارة، وذلك يعزز استخدامها في تطبيقات النانو الإلكترونية.

أشكال المواد النانوية

1- النقاط الكمية Quantum dots

هو تركيب نانوي ثلاثي الأبعاد أبعاده تتراوح بين اثنين إلى عشرة نانومتر، وهي تقابل عشرة إلى خمسين ذرة في القطر الواحد، وتعمل النقطة الكمية على تقييد الإلكترونات الخاصة بشريط التوصيل والثقوب الخاصة بشريط التكافؤ أو الأكسيتونات.

2-  الفولورين Fullerene

هو عبارة عن جزيء مكون من 60 ذرة من الكربون ويرمز له بالرمز C60، وهو كروي الشكل، ويتم تحضيره بكميات تجارية منذ اكتشافه عام 1990، وقد سُمي هذا المركب بالفولورين نسبة للمخترع (R. Buckminster Fuller).

3- الكرات النانوية Nanoballs

تختلف عن فئة الفولورينات قليلًا في أنها متعددة القشرة بالإضافة إلى أنها خاوية المركز، وبسبب أن تركيبها يشبه البصل فقد سمّاها العلماء (البصل) (Bucky)، وقد يصل قطر الكرات النانوية إلى 500 نانومتر أو أكثر.

4- الجسيمات النانوية Nanoparticles

هي تجمع ذري أو جزيئي ميكرسكوبي عددها يتراوح من بضع ذرات إلى مليون ذرة، وتكون مرتبطة ببعضها على شكل كرة بنصف قطر أقل من 100 نانو متر.

استخدامات تقنية النانو تكنولوجي Nanotechnology

تستخدم تقنية النانو تكنولوجي في المجالات التالية:

1. المجال الطبي

قد تمكن العلماء من صنع آلات دقيقة بحجم كريات الدم لعلاج العديد من الأمراض التي تتطلب إجراء العمليات الجراحية مثل: الانسدادات داخل الشرايين، والأورام، ولقد قام الباحث الإيطالي سيلفانو دراغونييري من جامعة باري باختراع أنف إلكتروني باستخدام أنابيب كربون نانونية تعمل على تشخيص أمراض السرطان عن طريق تحليل الهواء الذي يخرج من الرئتين خلال عملية الزفير.

2. مجال الطيران

قامت وكالة الطيران والفضاء الأمريكية ناسا بصنع آلات دقيقة تعمل بتقنية النانو من أجل حقنها في أجسام رواد الفضاء، بهدف مراقبة الأوضاع الصحية لجسمهم، والتعامل معها بشكل فوري دون إرسال طبيب.

3. مجال الطاقة

إنتاج بطاريات تخزين تخزن كميات كبيرة من الطاقة ولفترات طويلة، وبالتالي إنتاج سيارات تعمل بالطاقة النظيفة بتكلفة أقل، وغير معتمدة على النفط.

4. مجال الصناعة

تستخدم تقنية النانو في تصنيع الملابس الذكية التي تُنتج الطاقة، أو تزيل الجراثيم والأوساخ ذاتيًا، كما تدخل في صناعة المواد الصلبة ذات الوزن الخفيف، وتصنيع الزجاج الطارد للأتربة غير الموصل للحرارة، كما تدخل

صناعة الملابس الذكية التي تعمل على إنتاج الطاقة، أو إزالة الأوساخ والجراثيم بشكل ذاتي، وكذلك صناعة المواد الصلبة التي تفوق صلابة الفولاذ مع خفة وزنها، وصناعة زجاج طارد للأتربة وغير الموصل للحرارة، بالإضافة إلى صناعة شاشات ثلاثية الأبعاد تتميز بشفافيتها وقدرتها غلى الانثناء.

تطبيقات النانو تكنولوجي في مجال الطاقات المتجددة

يوجد عدة مصادر للطاقة المتجددة ساعدت تقنية النانو في تحديثها، وهذه المصادر هي:

1. الطاقة الشمسية

الطاقة الشمسية هي الطاقة التي تنتج من تعرض الأرض للشمس وهي طاقة جاهزة للجنس البشري، ويتم تطبيق تقنية النانو تكنولوجي في مجال الطاقة الشمسية من خلال دمج جزيئات النانو في لوحات السيليكون من خلال طبقة رقيقة للخلايا الشمسية، وتستخدم في ذلك اسطوانات مجوفة تسمى أنابيب النانو، وهي عبارة عن (الفوليرينات، الفضة، تلوريد الكادميوم، وثاني أكسيد التيتانيوم)، حيث يتم تصنيع الخلايا الشمسية المعتمدة على النانو تكنولوجي من خلال شرائح من المواد النانوية المتطورة، وتكون مطعمة بنقاط تعمل بتقنيات الفيزياء الكمومية وتسمى باختصار (نقاط الكوانتم).

2. طاقة الرياح

ساهمت تقنية النانو تكنولوجي في تصنيع تربينات رياح متقدمة ومتطورة، وقابلة للتعديل كما أنها سريعة التركيب، وذلك أدى لإنشاء مزارع رياح تنتج طاقة تعادل محطات الطاقة التقليدية، وقد تم ربط هذه التقنية بمحطات الرياح عن طريق استبدال الألياف الزجاجية أو الألومنيوم المستخدمة في ريشة التوربين المولد للطاقة الكهربائية بأنابيب الكربون النانوية، وهي عبارة عن اسطوانات مصنوعة من ذرات الكربون سمكها أرق بعشرة آلاف من الشعر البشري، كما تتميز بخصائص كهربائية فريدة من نوعها، كما ساعدت تقنية النانو في التغلب على المعوقات المتعلقة بالاحتكاك في التربينات.

3. طاقة الهيدروجين

يعد استخدام أنظمة الطاقة النانوية أكثر صداقة للبيئة، حيث تمثل إحدى نماذج الطاقة الصديقة للبيئة في استخدام خلية وقود تشتعل باستخدام الهيدروجين، والتي تنتج بصورة مثالية من الطاقات المتجددة، وتساهم تقنية النانو في زيادة تقليص الملوثات المنبعثة من محرك الاحتراق عن طريق استخدام مرشحات المسام النانوية، والتي تستطيع تنقية وتنظيف العوادم ميكانيكيًا من خلال المحولات المحفزة والقائمة على جزيئات المعادن النبيلة النانوية.

اقرأ أيضًا:

Amaal El Nagar
Amaal El Nagar
المقالات: 11

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *